إن كلمة "الاختلاط" في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة، كلمة دخيلة على "المعجم الإسلامي" لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر، ولعلها ترجمة لكلمة "أجنبية" في هذا المعنى، ومدلولها له إيحاء غير مريح بالنظر لحس الإنسان المسلم. وربما كان أولى منها كلمة "لقاء" أو "مقابلة" أو "مشاركة" الرجال للنساء، ونحو ذلك.
وعلى كل حال، فإن الإسلام لا يصدر حكماً عاماً في مثل هذا الموضوع، وإنما ينظر فيه على ضوء الهدف منه، أي المصلحة التي يحققها، والضرر الذي يخشى منه، والصورة التي يتم بها، والشروط التي تراعي فيه.. إلخ. وخير الهدي في ذلك هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهدي خلفائه الراشدين، وأصحابه المهديين. والناظر في هذا الهدي يرى أن المرأة لم تكن مسجونة ولا معزولة كما حدث ذلك في عصور تخلف المسلمين.
فقد كانت المرأة تشهد الجماعة والجمعة، في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان عليه الصلاة والسلام يحثهن على أن يتخذن مكانهن في الصفوف الأخيرة خلف صفوف الرجال، وكلما كان الصف أقرب إلى المؤخرة كان أفضل، خشية أن يظهر من عورات الرجال شيء، وكان أكثرهم لا يعرفون السراويل.. ولم يكن بين الرجال والنساء أي حائل من بناء أو خشب أو نسيج، أو غيره. وكانوا في أول الأمر يدخل الرجال والنساء من أي باب اتفق لهم، فيحدث نوع من التزاحم عند الدخول والخروج، فقال -عليه السلام-: "لو أنكم جعلتم هذا الباب للنساء". فخصصوه بعد ذلك لهن، وصار يعرف إلى اليوم باسم "باب النساء". وكان النساء في عصر النبوة يحضرن الجمعة، ويسمعن الخطبة، حتى إن إحداهن حفظت سورة "ق" من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من طول ما سمعتها من فوق منبر الجمعة.
وكان النساء يحضرن كذلك صلاة العيدين، ويشاركن في هذا المهرجان الإسلامي الـكبير، الذي يضم الكبار والصغار، والرجال والنساء، في الخلاء مهللين مكبرين. روى مسلم: عن أم عطية قالت: "كنا نؤمر بالخروج في العيدين، والمخبأة والبكر". وفي رواية قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق (جمع عاتق، وهي الجارية البالغة، أو التي قاربت البلوغ). والحيُّض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخـير ودعوة المسلمين. (الخطبة والموعظة ونحوها)، قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتلبسها أختها من جلبابها". (أي تعيرها من ثيابها ما تستغني عنه، والحديث في كتاب "صلاة العيدين" في صحيح مسلم حديث رقم 823). وهذه سنة أماتها المسلمون في جل البلدان أو في كلها، إلا ما قام به مؤخرًا شباب الصحوة الإسلامية الذين أحيوا بعض ما مات من السنن، مثل سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وسنة شهود النساء صلاة العيد.
وكان النساء يحضرن دروس العلم، مع الرجال عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويسألن عن أمر دينهن مما قد يستحي منه الـكثيرات اليوم. حتى أثنت عائشة على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة ونحوها. ولم يشبع ذلك نهمهن لمزاحمة الرجال واستئثارهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فطلبن أن يجعل لهن يومًا يكون لهن خاصة، لا يغالبهن الرجال ولا يزاحمونهن وقلن في ذلك صراحة: " يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك "فوعدهن يومًا فلقيهن فيه ووعظهن وأمرهن. (رواه البخاري في كتاب العلم من صحيحه).
وتجاوز هذا النشاط النسائي إلى المشاركة في المجهود الحربي في خدمة الجيش والمجاهدين، بما يقدرن عليه ويحسن القيام به، من التمريض والإسعاف ورعاية الجرحى والمصابين، بجوار الخدمات الأخرى من الطهي والسقي وإعداد ما يحتاج إليه المجاهدون من أشياء مدنية. عن أم عطية قالت: "غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سبع غزوات، أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى" رواه مسلم (برقم 1812). وروى مسلم عن أنس (برقم 1811): " أن عائشة وأم سليم، كانتا في يوم أحد مشمِّرتين، تنقلان القرب على متونهما وظهورهما ثم تفرغانها في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها". ووجود عائشة هنا وهي في العقد الثاني من عمرها يرد على الذين ادعوا أن الاشتراك في الغزوات والمعارك كان مقصورًا على العجائز والمتقدمات في السن، فهذا غير مسلّم.. وماذا تغني العجائز في مثل هذه المواقف التي تتطلب القدرة البدنية والنفسية معاً؟ وروى الإمام أحمد: أن ست نسوة من نساء المؤمنين كن مع الجيش الذي حاصر خيبر: يتناولن السهام، ويسقين السويق، ويداوين الجرحى، و يغزلن الشعر، ويعن في سبيل الله، وقد أعطاهن النبي -صلى الله عليه وسلم- نصيباً من الغنيمة. بل صح أن نساء بعض الصحابة شاركن في بعض الغزوات والمعارك الإسلامية بحمل السلاح، عندما أتيحت لهن الفرصة.. ومعروف ما قامت به أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم أحد، حتى قال عنها -صلى الله عليه وسلم- : "لمقامها خير من مقام فلان وفلان". وكذلك اتخذت أم سليم خنجراً يوم حنين، تبقر به بطن من يقترب منها. روى مسلم عن أنس ابنها: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً، فكان معها، فرآها أبو طلحة زوجها فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر! فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما هذا الخنجر"؟ قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنه! فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك. رواه مسلم (برقم 1809). وقد عقد البخاري باباً في صحيحه في غزو النساء وقتالهن.
ولم يقف طموح المرأة المسلمة في عهد النبوة والصحابة للمشاركة في الغزو عند المعارك المجاورة والقريبة في الأرض العربية كخيبر وحنين.. بل طمحن إلى ركوب البحار، والإسهام في فتح الأقطار البعيدة لإبلاغها رسالة الإسلام. ففي صحيح البخاري ومسلم عن أنس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عند أم حرام بنت ملحان خالة أنس يومًا، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: "ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكًا على الأسرّة، أو مثل الملوك على الأسرة"، قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها (انظر الحديث 1912 من صحيح مسلم)... فركبت أم حرام البحر في زمن عثمان، مع زوجها عبادة بن الصامت إلى قبرص، فصرعت عن دابتها هناك، فتوفيت ودفنت هناك، كما ذكر أهل السير والتاريخ.
وفي الحياة الاجتماعية شاركت المرأة داعية إلى الخـير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، كما قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. } (التوبة: 71).
ومن الوقائع المشهورة رد إحدى المسلمات على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً، وقوله: "أصابت المرأة وأخطأ عمر". وقد ذكرها ابن كثير في تفسير سورة النساء، وقال: إسنادها جيد. وقد عين عمر في خلافته الشفاء بنت عبد الله العدوية محتسبة على السوق..
والمتأمل في القرآن الكريم وحديثه عن المرأة في مختلف العصور، وفي حياة الرسل والأنبياء لا يشعر بهذا الستار الحديدي الذي وضعه بعض الناس بين الرجل والمرأة. فنجد موسى وهو في ريعان شبابه وقوته يحادث الفتاتين ابنتي الشيخ الـكبير، ويسألهما وتجيبانه بلا تأثم ولا حرج، و يعاونهما في شهامة ومروءة، وتأتيه إحداهما بعد ذلك مرسلة من أبيها تدعوه أن يذهب معها إلى والدها، ثم تقترح إحداهما على أبيها بعد ذلك أن يستخدمه عنده؛ لما لمست فيه من قوة وأمانة. لنقرأ في ذلك ما جاء في سورة القصص: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ . فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص: 23 -26). وفي قصة مريم نجد زكر يا يدخل عليها المحراب، ويسألها عن الرزق الذي يجده عندها: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمران: 37). وفي قصة ملـكة سبأ نراها تجمع قومها تستشيرهم في أمر سليمان: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ . قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ . قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ} (النمل: 32 - 34). وكذلك تحدثت مع سليمان -عليه السلام- وتحدث معها: {فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ . وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ . قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (النمل: 42 - 44). ولا يقال: إن هذا شرع من قبلنا فلا يلزمنا؛ فإن القرآن لم يذكره لنا إلا لأن فيه هداية وذكرى وعبرة لأولي الألباب، ولهذا كان القول الصحيح: أن شرع من قبلنا المذكور في القرآن والسنة هو شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه.. وقد قال تعالى لرسوله: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه} (الأنعام: 90).
إن إمساك المرأة في البيت، وإبقاءها بين جدرانه الأربعة لا تخرج منه اعتبره القرآن في مرحلة من مراحل تدرج التشريع قبل النص على حد الزنى المعروف عقوبة بالغة لمن ترتكب الفاحشة من نساء المسلمين، وفي هذا يقول تعالى في سورة النساء: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلً} (النساء: 15). وقد جعل الله لهن سبيلاً بعد ذلك حينما شرع الحد، وهو العقوبة المقدرة في الشرع حقًا لله تعالى، وهي الجلد الذي جاء به القرآن لغير المحصن، والرجم الذي جاءت به السنة للمحصن. فكيف يستقيم في منطق القرآن والإسلام أن يجعل الحبس في البيت صفة ملازمة للمسلمة الملتزمة المحتشمة، كأننا بهذا نعاقبها عقوبة دائمة وهي لم تقترف إثماً؟
والخلاصة:
أن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته إذن ليس محرمًا بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهوداً متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاونا مشتركاً بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيذ. ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا.. إنما الواجب في ذلك هو الاشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في إطار الحدود التي رسمها الإسلام، ومنها:
1ـ الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور 30 - 31).
2ـ الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والـكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} (النور: 31). وقد صح عن عدد من الصحابة أن ما ظهر من الزينة هو الوجه والـكفان. وقال تعالى في تعليل الأمر بالاحتشام: {ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (الأحزاب: 59). أي أن هذا الزي يميز المرأة الحرة العفيفة الجادة من المرأة اللعوب المستهترة، فلا يتعرض أحد للعفيفة بأذى؛ لأن زيها وأدبها يفرض على كل من يراها احترامها.
3ـ الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصا في التعامل مع الرجال:
أ - في الكلام، بحيث يكون بعيدًا عن الإغراء والإثارة، وقد قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (الأحزاب: 32).
ب - في المشي، كما قال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} (النور: 31)، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء} (القصص: 25).
جـ - في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف بـ"المميلات المائلات"، ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
4ـ أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير و يغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.
5ـ الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: "إن ثالثهما الشيطان" إذ لا يجوز أن يخلَي بين النار والحطب. وخصوصا إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفيه جاء الحديث: "إياكم والدخول على النساء"، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمَْو؟! قال: "الحمو الموت"! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس و يطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.
6ـ أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
"اختلاط الجنسين" كتاب فتاوى معاصرة (الجزء الثاني)، يوسف القرضاوي