هو أنا أعتقد أنه في كل بيت الآن -وإن شئت قل في كل غرفة- في غالب الأحيان هناك شاشة عرض سينمائية، ليس فقط أنها تعرض فيلماً واحداً أو مادة جديدة، وإنما تعرض العديد، ويمكن أحياناً لمجموعة متحلقين من الأسرة الواحدة حول هذه الشاشة أن يشاهدوا -وفي الوقت ذاته- العديد من المربعات التي ينتمي كل مربع منها إلى ما يهواه هذا المتابع. فأظن أننا بحاجة إلى أن نتعرف على المشكلة التي يواجهها مجتمعنا، وأن هذا الكم الإعلامي الهائل أصبح واقعاً مشهوداً، ما هو الفرق بين السينما وبين الشاشة أو بين التلفاز ذاته؟
القصة تتعلق في نظري بدرجة أساسية بموضوع المحتوى المعروض في المادة التي تقدم؛ هل هذه المادة تنتمي إلى أن تكون مادة أخلاقية، مادة تربوية، تبني نفوس الشباب وعقولهم وتصنع منهم رجالاً للمستقبل وتهيئهم وتبني خبراتهم، أم هي مادة مدمرة وهدامة، وتحاول أن تلهيهم بالمتع الرخيصة عن بناء الحياة، هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: هي قضية الضوابط: فكل شيء له ضوابط.
لم يعد الأمر خياراً أن تفعل أو لا تفعل، فهذه الأشياء موجودة وقائمة شئنا أم أبينا، لكن عندما يكون موقفنا هو موقف الرفض والسلب، يعني: موقفنا السابق من التلفاز والذي كان موقفاً فيه الكثير من الرفض والصرامة لم يصمد أمام التغيرات الواقعية الهائلة الكبيرة، ولكنه انعكس سلباً علينا، بمعنى أن هذا الموقف السلبي أخر كثيراً من مشاركتنا، وأوجد حالة كبيرة من التردد ربما إلى اليوم عند بعض الناس أنه على الأقل يريد أن يكون منسجماً مع ماضيه فلا يشارك، ومن هنا نجد تأخراً كبيراً اليوم في المشاركة الإعلامية.
فعلينا أن ندرك أننا عندما نأخذ بمبدأ المنع والرفض المطلق فإنه قد ينهدم هذا الجدار بلحظة أو بأخرى، وفي الوقت ذاته يبقى الناس -لأنهم منطلقون من دائرة المنع والرفض والتخوف- بعيدين عنه، ولا يكون هناك مشاركة إيجابية… أنا أدعو إلى معالجة إيجابية!
من حلقة "الفضائيات" ببرنامج "الحياة كلمة"، تفريغ موسوعة سلمان العودة، من الرابط: